القبيلة التي تستعمل أغرب وأصعب لغة في العالم «النقر»

Boutiba Akrem
6 دقيقة قراءة
0

 قد تكون المرة الأولى التي تسمع فيها عن هذه القبيلة أو عن هذه اللغة، وربما تكون المرة الأخيرة أيضا التي تسمع فيها عن واحدة من القبائل التي كانت يوما ما هي الأكبر بثقافتها ولغاتها المهددة بالانقراض إذا لم يتمكن ما تبقى من متقنيها الحفاظ عليها.

وربما يشهد العالم خلال سنوات قليلة قادمة موت إحدى أقدم الثقافات للقبائل في العالم ذات التاريخ الطويل لجماعة امتدت جذورها لآلاف السنين تمكنت خلالها من هزيمة العديد من التهديدات التي أعلنت عن قرب اختفائها من تغير للمناخ مرورا بوصول المستوطنين الأوروبيين وحتى منع ممارستهم لعاداتهم الثقافية التي ابقتهم كل هذه السنوات على قيد الحياة وسط بيئات غير مضيافة.

قبيلة من ملوك الكوكب قديما تحولت لجماعة مهددة بالانقراض هي وثقافتها ولغتها الفريدة.. فأهلا بك في عالم ملوك الأدغال «الخويسان» قبيلة الصيادين وجامعي الثمار الأمهر في جنوب إفريقيا.

تاريخ خويسان

لم يكن ظهور الجزء الجنوبي من قارة أفريقيا وشهرتها على يد الأوروبيين في القرن الـ 17 مجرد صدفة لاكتشاف أجزاء من قارة قديمة؛ بل كانت هناك جماعة من البشر تدعى خويسان يعود تاريخ وجودهم في هذه المنطقة إلى أكثر من 22 ألف عام هم أصحاب الفضل في ذلك.

ليس لأنهم كانوا أكبر مجموعة من البشر على وجه الأرض في ذلك الوقت فقط ولكنهم ايضا كانوا أول من استوطن اراضي بعيدة في جنوب القارة الأفريقية مثل بوتسوانا وناميبيا وزامبيا وزيمبابوي وجنوب إفريقيا وليسوتو ليتعرف عليهم العالم باعتبارهم أول من يعيش على الأرض المعروفة اليوم باسم بوتسوانا وجنوب إفريقيا وسكانها الأصليين وفقا لموقع "كلتشر تريب".

من أكثرية لأقلية

ورغم أن أفراد قبيلة خويسان هم السكان الأصليين لجنوب إفريقيا إلا أنهم لم يتمكنوا من الحفاظ على ثقافتهم أو هويتهم كما حدث مع العديد من السكان الأصليين في قارات العالم، وذلك بسبب الكثير من التهديدات التي تعرضوا لها والتي بدأت بقدوم المستوطنين الأوروبيين الأوائل في منتصف القرن الـ 17.
بدأت الأمور تزداد صعوبة على أفراد خويسان فبعد أن كانت الادغال ملكهم والأراضي منطقتهم والرعي البدوي والصيد البري رزقهم للاستمرار في الحياة تبدلت الأحوال وطالب المستوطنون الوافدون بملكية تلك الأراضي التي كانت بكاملها في يوم ما ملك خويسان وحدهم واستخدامها يقتصر عليهم ومع عدم وجود ما يثبت أنهم ملوك الأدغال وضع بعض المستوطنين حدود وأسيجة حول ممتلكاتهم المكتسبة حديثا من أجل منع مرور الناس عبر أراضيهم.

ومع تعرض أفراد قبيلة خويسان إلى اضطراب أنماط الرعي واستغلال الموارد الطبيعية وانتشار الأمراض المستوردة والصراعات المختلفة، أثر ذلك عليهم بشكل مباشر وعلى تعداد أفراد القبيلة حتى أن حضر الجفاف لينهي أسطورة ملوك الادغال.

تغيرات المناخ

فبمجرد أن زار الجفاف الجزء الجنوبي من إفريقيا حيث يعيش الخويسان تحولت من منطقة أكثر رطوبة مع مزيد من الأمطار إلى منطقة جافة واكثر حرارة ما يعني عدد أقل من الحيوانات البرية ونسبة أقل من المياه وكمية أقل من الطعام وهو ما تم ترجمته إلى عدد أقل من الأطفال وانخفاض أعداد الخويسان بشكل كبير لتصبح ثقافتهم ولغاتهم وأسلوب حياتهم القائم على الصيد والقطف والذي تم تبديله إلى الرعي والزراعة في خطر.
فبسبب تناقص أعداد أفراد قبيلة خويسان ضاعت هوية ما يميزهم وهي لغتهم  «لغة النقر»، إحدى أصعب لغات العالم والتي تكون فيها النقرات مثل الحروف الساكنة وكلما زاد عدد النقرات التي تحصل عليها كلما كانت اللغة أقدم.
كما أصبحت معرفتهم عن الحيوانات البرية والبيئة التي تعيش فيها وقدرتها على استخراج العناصر الغذائية من النباتات التي تبدو غير واضحة والبقاء على قيد الحياة في البيئات القاحلة في خطر.
فإحدى مميزات أفراد الخويسان والتي تم اكتسابها على مر التاريخ كونهم ملوك الادغال هي معرفتهم الكبيرة بالبيئة البرية ففي حين انك لا ترى سوى النباتات والأشواك والخشب الجاف فإنهم يرون الكثير من الأشياء التي يمكن تناولها وما يمكن أن تكون سبب في علاج مرض ما فصيدليتهم هي تلك الأعشاب والنباتات الطبيعية الجاهزة لعلاج مئات الأمراض.
وعلى جانب الصيد فكان لدى أفراد خويسان قدرة لا تصدق على تتبع الحيوانات عبر الأرض وتحديد أماكن وجودهم وفي لحظة إنقضاض مناسبة كانوا يقومون بإنزال الهدف مستخدمين قوس صغير وسهم قصير مصنوع من المواد الطبيعية مثل الأغصان والأعشاب والأوراق وعلى طرف السهم يضعون السم الذي ينتجونه من اليرقات ليكونوا سادة الاصطياد وفقا لموقع " إن بي ار".

لغات خويسان

هي مجموعة من اللغات الإفريقية التي صنفت في الأصل على يد جوزيف غرينبيرغ. تشترك لغات خويسان في النقرات الصامتة ولا تنتمي إلى أي من عائلات اللغات الأفريقية الأخرى. خلال معظم القرن العشرين ساد الاعتقاد بارتابط اللغات واحدهم بالآخر قرابة جينية لغوية، ولكن تلك الفكرة لم تعد مقبولة. اليوم، تؤلف اللغات ثلاث عائلات لغوية متميزة ولغتين متمايزتين.

جميع لغات خويسان، باستثناء لغتين، أصلية تعود لأفريقيا الجنوبية وتنتمي إلى ثلاث أسر لغات. يبدو أن أسرة خوي قد هاجرت إلى الجنوب الأفريقي قبل فترة قصيرة من توسع البانتو. من الناحية الإثنية، فإن المتحدثين بها هم الخويخوئيون وشعب بوشمن. لغتان من لغات شرق أفريقيا، وهما السانداوي والهادزا، كانتا في الأصل تصنفان أيضًا من لغات خويسان، رغم أن أن المتحدثين فيهما ليسا من الناحية العرقية من الخويخوئيين وشعب بوشمن.

قبل توسع البانتو، انتشرت لغات خويسان، أو لغات من مثلها، على الأرجح في إفريقيا الجنوبية والشرقية. تقتصر حاليًا على صحراء كالاهاري، ولا سيما في ناميبيا وبوتسوانا، وصدع شرق أفريقيا في وسط تنزانيا.

معظم اللغات معرضة للخطر، والعديد منها أما يحتضر أو انقرض. ليس لدى معظمهم سجل مكتوب. اللغة الخويسية الوحيدة واسعة الانتشار هي لغة خوي خوي (لغة ناما) من ناميبيا وبوتسوانا وجنوب أفريقيا، ويبلغ عدد المتحدثين فيها ربع مليون شخص؛ لغة سانداوي في تنزانيا هي الثانية في العدد، إذ يتراوح عدد المتحدثين بها بين 40 ألفًا و 80 ألفُا، بعضهم أحادي اللغة (يتكلمون لغة واحدة)؛ ولغة جون في كالاهاري الشمالية التي يتحدث بها حوالي 16 ألف شخص. يطغى استخدام اللغة جدًا بين المتحدثين بلغة نارو البالغ عددهم 20 ألف، نصفهم يتكلمون لغة ثانية.

تشتهر لغات خويسان أكثر باستخدامهم للنقرات الساكنة كوحدات صوتية. عادة ما تكون النقرات مكتوبة بأحرف مثل ǃ وǂ. لنقرات متعددة الاستعمالات تمامًا كالحروف الساكنة، إذ تشتمل على لفظتين من اللسان يمكن أن تصدرا على نحو مستقل جزئيًا. بالتالي، فإن اللغات التي تحتوي على أكبر عدد من الحروف الساكنة في العالم هي لغات خويسان. تحتوي لغة جو هوان على 48 نقرة ساكنة، فضلًا عن العديد من الأصوات الساكنة التي لا تنقر أبدًا، والأحرف الصوتية الرنانة والمزلعمة، وأربع نغمات. لغة تا وأموكوي أكثر تعقيدًا.

نحويًا، لغات خويسان الجنوبية تحليلية بشكل عام، وتمتلك عدة مقاطع صرفية معربة، لكن ليس بقدر لغات تانزانيا ذات النقرات.

لغات نقر أخرى

ليست كل اللغات التي تستعمل النقرات كوحدات صوتية تعتبر من عائلة خويسان. معظم اللغات الأخرى هي لغات بانتو مجاورة في إفريقيا الجنوبية: مثل لغات نغوني (التي تضم اللغة الكوسية، واللغة الزولوية، ولغة سوازي، ولغة فوثي، ولغة شمال إنديبيلي)؛ واللغة السوتية، ولغة ييي في بوتسوانا؛ ولغات مبوكوشو وكوانغالي وديريكو في قطاع كابريفي (قطاع زامبيزي). تنتشر النقرات في بضع لغات مجاورة أخرى. من تلك اللغات، الكوسية والزولوية وإنديبيلي ويييي، تمتلك نظامًا معقدًا من النقرات الساكنة؛ أما الباقون فهم على الرغم من النقرة في اسم «غيريكو»، إلا أنها لغات أكثر بدائية. هناك أيضًا اللغة الكوشية الجنوبية «داهالو» في كينيا، التي تستخدم نقرات سنية في بضع كلمات مسجلة، ولغة طقوسية أسترالية منقرضة يفترض أنها اصطناعية تسمى دامين، والتي كانت تستخدم طقطقة أنفية فقط.

اعتمدت لغات البانتو استخدام النقرات من سكان خويسان المجاورين أو النازحين أو أو المستوعبين (أو من لغات البانتو الأخرى)، وغالبًا ما يكون ذلك عن طريق التزاوج، بينما يعتقد أن لغة الدهالو اكتسبت النقرات من لغة سابقة عندما انتقلت إلى اللغة الكوشية؛ إذا كان الأمر كذلك، فربما كانت لغة ما قبل الدهالو شيئًا مثل هدزا أو سانداوي. «دامين» لغة طقوسية مخترعة، ولا علاقة لها بالخويسان.
التصنيفات:

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
أقبل !